وقفات مع الكبار..الشيخ عبد الغفور فواز الهيتي مستشار الهيئة

  • شخصيات
  • 5403 قراءة
  • 0 تعليق
  • الأحد 08-06-2008 12:20 مساء

وقفات مع الكبار..الشيخ عبد الغفور فواز الهيتي المستشار في هيئة علماء المسلمين في العراق الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة والسلام على أشرف المرسلين وقائد الغر المحجلين سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. فإنَّ من نعم الله تعالى على هذه الأمة أن هيأ لها رجالاً أفذاذاً يستقي الناس منهم كل ما هو نافع ومفيد فلم تتوقف قافلة الدعاة إلى الله عن العمل بالإسلام وللإسلام يوماً، منذ أن قام نبينا صلى الله عليه وسلم داعياً إلى الله إلى يومنا هذا.. وهيأ الله لهذه الأمة علماءً أنجاباً صادقين مخلصين دخلوا إلى قلوب الناس فأسروا قلوبهم فأصبح كلامهم يخاطب العقول والقلوب.. فيملأ كلامهم القلوب طمأنينة العقيدة.. تسكن وتحتل أعماقها.. وتملأ العقول بمفاهيم الخير، والعدل، والحرية، والمساواة، وتنطبع على الجوارح عملاً يؤكد الفهم ، ويؤكد على العلاقة الوثيقة بين الفهم والعمل وقبل ذلك فهو دليل الإيمان الصادق الي يحرك ويوجه ويبعث على العمل والإنجاز والتضحية والبذل ومن هذا المنطلق انبثق أحد العلماء المعروفين في مدينة هيت حيث مثلت تجربته تجربة عالم موغل في السنوات التي مرت يمكن لمن يتجول معها أن يستنبط الكثير من الحكمة والمتعة والذكر الحسن فعالمنا عالم من علماء الأنبار من مدينة هيت المباركة من مدينة عبد الله بن المبارك وعلي الهيتي هذه المدينة التي ما سمع بها أحد إلا وأثنى على أهلها تلكم المدينة التي خرجت العلماء والفقهاء والأساتذة والمفكرين. حديثنا اليوم عن عالم من علماء هذا المدينة يُعد من أبرز العلماء الذين يعدون على الأصابع ويُشار إليهم بالبنان إنه الشيخ المرحوم (العلامة عبد الغفور فواز عبد الهيتي - عضو الهيئة الإستشارية لهيئة علماء المسلمين في هيت) . الشيخ الفقيد -رحمه الله تعالى- هو عبد الغفور فواز عبد حمد شهيب الماشطي، (والمواشط سادة حسينين) من محافظة الأنبار، ولد رحمه الله تعالى في مدينة هيت عام 1923م، ودرس القرآن الكريم عند (الملا فليح) وختمه في عام 1934 ودخل المدرسة الدينية في جامع الفاروق في مدينة هيت المباركة التي كانت تضم نخبة طيبة ممن ذاع صيتهم وصار لهم شأن كبير في عصرنا الحاضر. وبعد تخرجه من هذه المدرسة عمل إماماً وخطيباً في (الشطرة) ثم نُقل إلى(الزعفرانية) وكان يعمل في التدريس والإمامة والخطابة اكثر من 20 عاماً. تتلمذ الشيخ عبد الغفور –رحمه الله- على عدد كبير من العلماء والمشايخ ممن كان لهم صيت شائع وباع طويل في العلم وأصوله منهم الشيخ عبد العزيز سالم السامرائي الذي كان يحب الشيخ حباً كبيراً لذكائه والشيخ عبد الجليل والشيخ طه علوان والشيخ ضياء الدين الخطيب وغيرهم. أما زملاؤه الذين درس معهم ونهلوا العلم من بساتين المعرفة فمنهم الشيخ صبحي الهيتي والشيخ الدكتور احمد الكبيسي، والشيخ إبراهيم جدي، والشيخ عبد الكريم الدبان، والشيخ ياسين تركي، والشيخ عبد الرزاق حبيب رحمه الله . وكان الشيخ من أوائل من دخلوا المدرسة الدينية في هيت وكان يُدرس فيها الشيخ عبد العزيز السامرائي -رحمه الله- وقد درس فيها العلوم المختلفة من نحو وصرف وفقه وغير ذلك وفي يوم من الأيام جاءت إلى المدرسة لجنة مكونة من عدة مفتشين ليختبروا الطلاب وقد أعجبوا بمستوى الطلاب العملي وإجاباتهم العلمية، ثم قال لهم الشيخ رحمه الله والآن: سيسألكم الطلاب بعض الأسئلة؟ وكلف الشيخ عبد العزيز رحمه الله الشيخ عبد الغفور أن يسألهم يقول الشيخ فخجلت أن أوجه إليهم سؤالاً صعباً، فقال لهم الشيخ عبد الغفور: أعربوا لي قول المصطفى عليه الصلاة والسلام عن قومه: ( أو مخرجي هم؟!) فلم يستطيعوا.. وقد درسنا في مدرسة الشيخ طه علوان السامرائي، ثم بعد ذلك أعلنت وزارة الأوقاف عن وظائف للأئمة والخطباء وكان من نصيب الشيخ مدينة الكوت وبالطبع لم يتم التعيين إلا بعد امتحان يُجرى للمتقدمين، وكانوا اثني عشر متقدماً، نجح منهم أربعة وكان فضيلة الشيخ الأول لأنه كان يمتاز بعقلية جبارة كما شهد له بذلك أقرانه ومشايخه ومع ذلك لم يُعين الشيخ لأن المحسوبية والمعارف كانت لها حصة الأسد. ظهر للشيخ تعيين آخر في الشطرة (الناصرية) وكانت تبعد عن بغداد ساعة فذهب إليها الشيخ وبقي فيها بين عامي 1951- 1952 وكان له في أثناء الدراسة محاولات في نظم الشعر وكان قد درس العروض وكان يكتب قصائد والشيخ كما يعرفه كثير من طلبة العلم والعلماء أن له بداهة في نظم الشعر بقوة عجيبة فأي مجلس يجلس فيه تراه قد نظم قصيدة يُعجب السامعون لها لما كان يمتلك من قوة نظم الشعر. ثم بعد ذلك نُقل الشيخ إلى بغداد وكان له باع طويل في هذا المجال حيث يتحدث الشيخ عن نفسه ويقول: نُقلت إلى الزعفرانية في بغداد ولم يكن فيها إلا جامعها الوحيد جامع الزعفرانية وكان سكنة الموظفين وحملة الشهادات بعضهم من خارج العراق وكانوا متأثرين بالأفكار الغربية فهم بالتأكيد لا يأتون إلى الجامع.. وكان لديهم دار استراحة فقمت بالذهاب والجلوس معهم فيما أدعوهم إلى المسجد حتى استجاب نفرٌ منهم.. ثم ساهمت معهم في تأسيس مكتبة لدار الإستراحة لبعض الكتب الإسلامية فازداد أيضاً عدد المصلين.. بحيث عام 1955 أقمنا حفلاً بمناسبة المولد النبوي وكان معي الأستاذ الشيخ إبراهيم المدرس والشاعر الكبير وليد الأعظمي وكان ذلك أيام حُكم عبد الكريم قاسم. أما في طريق الدعوة والتضحية والذود عن الدين فكان لفضيلة الشيخ مواقف سجلت بأحرف من نور حتى وهو تحت وطأة الظلم والاستبداد فقد قدم الشيخ المواقف والتجارب التي عاركته في حياته رحمه الله فكان له قوة في التأثير وتاسير قلوب الناس بكلامه البديع وألفاظه السلسلة حتى وهو في السجن وكان لا يخاف في الحق لومة لائم وقد تعرض الشيخ للسجن عدة مرات وقد بقي هناك في السجن على منهجه في الدعوة إلى الله وكان أغلب المصلين معه يصلون وفي يوم الجمعة كما يقول الشيخ بقيت على منهجي رغم الضغط وفي يوم الجمعة قالوا لي لنقم اليوم صلاة الجمعة هنا، فقلت لهم إن ذلك لا يجوز أن من شروط الجمعة الحرية ، فاقترحوا محاضرة ثم صلاة جماعة ، فقمت بذلك، تكلمت حينها عن الفساد الإداري وفساد الحكم وعلى عبد الكريم قاسم ، حيث إن الثورة قامت في البدء على الإصلاح فإذا بها تنحرف إلى الفساد ، وارتاح المسجونون وأثلجت قلوبهم بكلامي وقالوا لن تخرج من السجن ما دمت فيه وبعد فترة أطلق سراحنا إذا كان سبب اعتقالي أني كنت وقتها جالس في دار استراحة في الزعفرانية فناداني بعضهم أن تعال انظر إلى التلفزيون، فإذا بامرأةٍ راقصة على الشاشة فتكلمت عن ذلك بسخط وأعدت كلامي وأكثر في خطبة الجمعة وبعد يومين من ذلك اعتقلوني.. وفي السجن التقيت بالمرحوم عبد الستار الجواري الذي أصبح فيما بعد وزيراً للتربية ووقتها أصدر أمراً بتعيني مدرساً في مدرسة قريبة من جامع الزعفرانية فمارست التدريس والخطابة معاً. وللشيخ رحمه الله قابلية كبيرة في نظم الشعر وله ديوان لم يطبع لحد الآن لكن ما زال محفوظاً حتى يومنا هذا.. وقد سافر لأداء فريضة الحج ومثل مدينة هيت في كثير من المؤتمرات التي أقيمت على نطاق محافظة الأنبار وقد شغل الشيخ مناصب منها عضو في لجنة الفتوى وعضو الهيئة الإستشارية لهيئة علماء المسلمين في هيت.. والشيخ متزوج وله أربع أولاد وثلاثة بنات كلهم متزوجون.. ولشيخنا المرحوم عدة خصال ومواهب يمتاز بها ، إضافة إلى موهبته الكبيرة في نظم الشعر في الاحتفالات والمناسبات وفي المواقف الجميلة ، وله باع طويل في التأثير المباشر في قلوب الناس فما أن رآه أحد إلا ودخل الشيخ في قلبه لما يمتاز به من صفات طيبة ميمونة لدى ناسه ومحبيه ومستمعيه وطلابه حتى أطلقوا عليه (انه من ممثلي الوسطية). وكما يُعد الشيخ من العلماء البارزين في دوحة العلماء الذين تخرجوا على يد الشيخ عبد العزيز ذلك ان الرجل يفيض علماً وورعاً وإيماناً حقاً إن أي منا ليحس حين يجالسه إنه يتفيأ في ظلال شجرةٍ عملاقةٍ لا يدري كم يركض –وليس يمشي– كي يخرج من دائرة ظل علمه الغزير، غزارة ما ينبغي للداعية العالم بل العالم المسلم الإحاطة به في هذا العصر الذي يتعرض فيه الإسلام إلى أحقادٍ وأطماع وقوى ومذاهب عديدة فضلاً مما فهموا الإسلام فهماً خاطئ وفكر مشوش وأحكام مستعجلة ترسم صورة مشوهة لهذا الدين العظيم الخالد. وكانت لشيخنا المرحوم حوادث أثناء عمله ومشاكل وصِدامات تعرضت له ممن يخالفه في الفكر والعقيدة والمذهب يقول الشيخ: كنت أتمتع بمستوى جيد من الصراحة وعدم التعصب فكنت أحاور الجميع بلا تعصب ولا مغالاة وبلا تطرف بل كان قرب الجامع ديوان لشيخ عشيرة معروف فكنت اذهب هناك للتعارف ونشر الدين، إذ كان قد صلى خلفي في أول جمعة سبع أشخاص فقط ومع الأيام أصبحوا ثلاثمائة أو أكثر من ذلك، وفي أحد الأيام كنت ذاهبا إلى مجلس الشيخ هذا فالتقاني أحدهم في الطريق وقال: ارجع فإنهم يريدون أن يناقشوك في مسائل خلافية، فذهبت ولم أرجع وحدث فعلاً ما قاله الرجل قالوا: نريد أن نسأل عن رأيك في مجالس القراءة على الإمام الحسين عليه السلام فقلت لهم هذا سؤالٌ جيد، فالحسين هو حِبُ رسول الله وسيد شباب أهل الجنة فإذا كان كلامنا عنه من باب المآثر والبطولات وعن الجهاد، فلا بأس بذلك وليس هناك مانع شرعي، وأما إذا كان الكلام زوراً وبُهتاناً وإثارة عواطف وسب صحابة فهذا لا يجوز، إذ كيف نسب صحابة المصطفى عليه الصلاة والسلام وقد مدحهم الله تعالى في مواضع عديدة من القران الكريم ، ثم سألوني عن حكم أكل السمك (الجري) فقلت لهم إن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في البحر (هو الطهور ماؤه الحِلُ ميتته) وكل ما يخرج من البحر في روح يجوز أكله.. فتعجبوا من الكلام وقالوا بارك الله فيك. وللشيخ تجربة طويلة مع الشباب خاصة شباب المساجد ولا سيما منهجه الدعوي الذي كان له اثر كبير في نفوس من عاصروه وعاشوا معه إذا كان يوجه الشباب وكان يقول: يجب الرجوع إلى الله في كل الأحوال، فكنا نذهب لتوعية الناس وإرشادهم في الأعراب والقرى ولا نبقى في المسجد ننتظر الناس، والصحيح هو أن يذهب الداعية إليهم ، يجالسهم ويوضح لهم الخطأ والصواب ويرشدهم إلى طريق الحق والفعل الحسن ، فالله تعالى لم يقصر أمر الدعوة في المساجد والمحاضرات فقط بل هناك مخالطة الناس ومعايشتهم وهو أمر مهم جدا ، ولا سيما نحن نمر بصحوة مباركة، ولكن ما يؤسف له هو قلة الموجهين للشباب على الطريق الصحيح، ولهذا واجب العلماء والمشايخ اليوم توجيه الشباب إلى المسار الصحيح، ونبذ الخلافات والأخذ من العلماء وعلى الشباب أن يلتزموا قول الإمام الشافعي رحمه الله: أخي لن تنال العلم إلا بستة سأنبيك عن تفصيلها ببيان ذكاء واجتهاد وحرص وبلغة وصحبة أستاذٍ وطول زمان وأقول للشباب: من الخطأ أن يجتهد كلٌ منهم برأيه ولا يأخذ بأقوال العلماء العاملين الناصحين وهم كثر والحمد لله. كان الشيخ من أصحاب المواهب في نظم الشعر وعنده ملكة لم يتسم بها أحد من أقرانه أبدا في هذا المجال حيث بدأت ملكته للشعر وهو طالب في المدرسة، فهو بحر متلاطم الأمواج ، ممتد السواحل، إلا إنه مع ذلك كله صافي الأعماق عذب المذاق عذوبة مياه دجلة والفرات، وهذا من أهم الأمور المشجعة لمن أعطاه الله هذه الإمكانية وهذا التواضع تصاحبه في ذلك كله النية الصافية والرغبة الأخوية والمعاني الرقراقة في تجربة الشيخ رحمه الله يقول الشيخ: عندما درسنا الشيخ عبد العزيز السامرائي العروض، طلب منا أن نُنظم شعراً، بل جعله علينا واجباُ بيتياً فقلنا يا شيخ: هل كل من درس العروض أصبح شاعراً؟ فقال لا بُد أن تجربوا ذلك فكتبت ولأول مرة: بحمــد إلهي أبدأ النظـم أولاً واهدي به قلباً بجهلٍ تحمــلا فهذا خضوعي في صلاتي مكبرا بذلي له فيها تقربت للعـــلا قديم قدير عالم غير جاهــل لقد أوجد الكونين والخلق كملا وكان الشيخ عبد الغفور - رحمه الله – متواضعاً وقوراً صاحب خلق ، محباً للصغير والكبير، ولا يُمل مجلسه أبداً ، وكان يحبه قومه وابناء بلدته كثيراً ،وكان كثيراً ما يحب الذهاب على هيئة علماء المسلمين والمدرسة الدينية كان ينزل إلى السوق ويجلس مع الناس ويشاركهم في أحزانهم وأفراحهم. * * * وكان الشيخ رحمه الله صاحب كلمة مسموعة وقد فُجع بموت زوجته قبل موته بخمسين يوماً وكان موقفه من الاحتلال الظالم موقف عالمٍ مخلص خاصة على العراق وأهله وكان يقول : إن أمريكيا طغت وتجبرت وإن شاء الله ستنتكس هي وأتباعها وبفضل سواعد الرجال الذين وهبوا أنفسهم للعراق وأرضه وإن شاء الله دوام الحال من المحال وندعو من الله أن يزيح الغمة عن هذه الأمة وسوف يهزم أعداء الإسلام وينصرنا الله إنه على كل شيءٍ قدير . وبقى الشيخ على هذه التجارب الطويلة التي عاركته في حياته عائشاً حياة كلها تضحية وتقديم ودعوة وإصلاح وقد بقي أيامه الأخيرة في بيته لا يخرج إلا قليلاً لحالته الصحية وبقى الناس يزورنه في بيته الذي يطل على نهر الفرات في مدينة هيت وما عن دخل عليه احد إلا ووجد الكتاب لا يغادر يده أبداً وكان دائماً يردد قول: (( اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا ، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا )) وكان يحب قراء الكتب القديمة ويحب مطالعة كتاب التاج الجامع لأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وكان يتمنى أن يسود الإسلام في الدول العربية والإسلامية مسلمة كما أرادها الله تعالى وكان يشجع دائما على القراءة ويقول الإنسان بدون قراءة لا يعرف شيئاً ، لذا انصح الكل خاصة الشباب بالقراءة والتعلم خاصة القران الكريم . وقد فاضت روحه الشريفة الطاهرة لتنتقل من عالم الدنيا إلى عالم الآخرة في يوم الأربعاء 26/7/2006 في أول يوم من رجب الأغر، عن عمر يناهز ثلاث وثمانين سنة ... وقد نعته الجوامع والمدارس والجامعات وهيئة علماء المسلمين وديوان الوقف والإذاعات والفضائيات وقد شيع تشيعاً مهيبا ثم أقيم مجلس العزاء في القاعة وحضرة الناس من كل حدب وصوب وأقيم له احتفال تأبيني حضره جمع غفير من العلماء وطلبة العلم من تلامذته ومحبيه ... وحينا علمنا بوفاته أصابنا من الذهول والدهشة ما يعلم به الله ، ودخلنا عليه فوجدناه مسجى على الأرض ووجهه يشع نوراً يتلألأ كأنه لم يمت فقبله أهل المدينة من جبهته وهو مسجى وبين عيينه وفي قلوبهم الحزن على فراق شيء عظيم وغسلوه وكفنوه ثم حمل نعشه على الأكتاف ثم صلينا العصر وبدأنا بالصلاة عليه ثم طيف بالجنازة في أحياء المدينة التي عشقها وأحبته ، لتودع عالمها الراحل إلى ربه ولسان حالهم يقول : ومن نزلت بساحته المنايا فلا أرض تقيه ولا سمــاء وارض الله واسعة ولكن إذ نزل القضا ضاق الفضاء دع الأيام تغدر كل حين فما يغني عن الموت الدواء وأقيمت له الفاتحة وأتى إليه الناس من كل حدب وصوب ، وفي اليوم الثالث أقيم له حفل تأبيني حضرة العلماء وطلبة العلم وقد ألقى الشيخ صبحي الهيتي كلمة كانت مغرغرة بالدموع والأسى والقين القصائد للفقيد ، كما نعته هيئة علماء المسلمين من مقرها العام وهذا نص النعي: ((تتقدم هيئة علماء المسلمين في العراق بأحر التعازي والمواساة بوفاة الشيخ العلامة عبد الغفور فواز الهيتي، عضو الهيئة في فرع هيت إلى عائلته الكريمة وأبناء شعبنا العراقي الأبي وامتنا الإسلامية . نسأل الله أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ورضوانه ويدخله فسيح جناته وان يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان ويدخله فسيح جناته على هذا المصاب الجلل، وإنا لله وإنا إليه راجعون)). ويذكر أن الشيخ الجليل قد وافاه الأجل يوم أمس الأربعاء قبل صلاة الظهر وقد شيعه أهالي هيت بعد صلاة العصر من جامع سعيد بن المسيب في هيت وشارك في التشييع جمع مبارك من العلماء وطلبة العلم وأهالي المدينة مودعين عالماً جليلا من علماء العراق علماً أن المغفور له عضو الهيئة الاستشارية لهيئة علماء المسلمين - فرع هيت وقد فجعت عائلة الشيخ بوفاة ابنه الأكبر الذي قتل على يد المليشيات (الحاج نعمان عبد الغفور) بعد وفاة الشيخ بشهرين وهو أيضا عضو في هيئة علماء المسلمين رحمهما الله تعالى وقد دفن ابنه في وسط أمه وأبيه رحمهما الله.. رحم الله الشيخ برحمته الواسعة إنه سميع مجيب..